علم القرآن هو أفضل العلوم وأشرفها
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [القرقان: ١].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ﴿إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً﴾ [الإسراء: ٣٠]، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الذي اصطفاه واجتباه فجعله بشيراً ونذيراً، ﴿وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً﴾ [الأحزاب: ٤٦]، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: الحمد لله الذي جمعنا في هذا المكان الطيب المبارك، والحمد لله الذي جمعنا في بيت من بيوته على أشرف كلام وأكمل نظام، جعله الله عز وجل نوراً وطريقاً إلى رحمته ودار السلام، الحمد لله الذي جمعنا على القرآن، وألف بين قلوبنا بالقرآن، وهدانا إلى رحمته بالقرآن، فليس هناك مكان أشرف عند الله عز وجل من مكان تتلى فيه آيات الله، ولا زمان أفضل من زمان يقضى في بيان كتاب الله.
لذلك فإن العناية بكتاب الله عز وجل ومذاكرته وتفهُّم معانيه وترسُّم هديه، نعمة من الله تبارك وتعالى.
ولذلك اصطلح العلماء رحمهم الله على تسمية هذا العلم بعلم التفسير، وإن عمَّموه قالوا: علم القرآن، وأرادوا بذلك العناية بكتاب الله عز وجل بمعرفة حدوده، والوقوف عند آياته وعظاته.
ومن ثم كان أشرف العلوم وأزكاها وأعلاها: علم تفسير كتاب الله بمعرفة حلاله وحرامه، ووعده ووعيده، وبشارته ونذارته، والوقوف على أحكامه، وتبين مسائله وشرائعه، فالعناية بذلك كله توفيقٌ من الله تبارك وتعالى، ومنحةٌ وعطيةٌ من الله سبحانه وتعالى.
إن كتاب الله هو حبله المتين، وصراطه المبين، وحجته على الجاحدين، ومحجته المفضية إلى رضوانه المبين، إنه كتاب الله الذي تنشرح به الصدور، وتستنير به القلوب، فكم أدمع لله عيوناً، وكم أسهر من خشية الله عز وجل جفوناً، وكم أخشع لله قلوباً، وكم أقام بين يدي الله أقداماً، وكم أصبح من أجله العبادُ صياماً، إنه كلام الله الذي هو حبل الله المتين، وعروته الوثقى، بيَّن الله عز وجل فيه الحلال والحرام، وجعله السبيل الوحيد إلى دار الكرامة والسلام، إنه كتاب الله الذي لا تنتهي عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، من ارتوى منه فقد ارتوى من المعين الصافي، ومن ارتوى من ذلك المعين فلا يضل ولا يشقى.
قال بعض السلف: ضَمِن الله عز وجل لمن قرأ كتابه، فأحل حلاله وحرم حرامه؛ أن لا يضل ولا يشقى، قال الله عز وجل: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى﴾ [طه: ١٢٣].