ذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك يشمل أيضاً ما بعد وفاته ـ ﷺ ـ عند قبره وعند سماع أوامره ولذلك قال ابن العربي : حُرمة النبي ـ ﷺ ـ حياً كحرمته ميتاً وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثل كلامه المسموع من لفظه إذا قرِئ كلامه وجب على كل حاضر ألاّ يرفع صوته عليه ولا يعرض عنه كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به، فقد نبه سبحانه على دوام الحرمة المذكورة لقوله تعالى : ؟ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ؟٢٠٤؟ وكلامه من الوحي وله من الحكمة مثل ما للقرآن إلا معاني مستثناه بيانها في كتب الفقه.
وزاد بعض العلماء وقال بكراهة رفع الصوت في مجالس العلماء تشريفاً لهم إذ هم ورثة الأنبياء.
و قال تعالى : ؟ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ ؟
لها معنيان:
المعنى الأول : أي لا تخاطبوه كما يخاطب بعضكم بعضاً يا فلان يا فلان ولكن قولوا يا نبي الله يا رسول الله أي الشيء الذي يختص به النبي ـ ﷺ ـ ولا تقولوا يا محمد أو أحمد ولكن يا رسول الله أو نبي الله.
المعنى الثاني: لا يكون نداؤكم له بالنسبة لرفع الصوت كجهر بعضكم لبعض حتى لو قلت يا رسول الله فلا تصرخ كما تصرخ لفلان من الناس بل تقول يا رسول الله بأدب، وكلا المعنيان صحيحان.
قال تعالى: ؟ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ ؟
أي كراهة أن يكون هذا الجهر سببا لحبوط أعمالكم ولكن كيف تحبط أعمالنا؟
قال تعالى: ؟ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ؟
أي لا تشعرون أن هذا الأمر محبط لأعمالكم لأن الإنسان قلبه بين أصبعين من أصابع الرحمن سبحانه وتعالى فقد يرفع أحداً صوته فوق صوت النبي ـ ﷺ ـ أو يجهر له بالقول كجهره للناس الآخرين ثم يدب في قلبه شيء من الاستهانة برسول الله ـ ﷺ ـ فيكون ذلك سبباً في حبوط أعماله وهو لا يشعر.


الصفحة التالية
Icon