والوجه الثاني من تقديم المال على النفس لأن الجهاد محتاج أن تبذل مالاً قبل أن تذهب إليه فأنت محتاج لشراء سلاح قبل أن تذهب ومحتاج لشراء دابة وخاصة في السابق أنت من يشتري عدة قتالك بخلاف الجيوش النظامية هذا وجه آخر في تقديم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس، وعلى كل حال الآية تحتمل هذا وهذا لأنه لا تعارض بينهما فيقال قدمه لأن المال محبوب على النفوس وقدمه لأنه يسبق الجهاد بالنفس، لكن في الآية الكريمة قيد مهم وهو قوله سبحانه ؟ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله.
لا رياء ولا سمعة وإنما هو لله سبحانه وتعالى ليس لوطنية ولا لعصبية ولا لإقليمية بل هو قتال في سبيل الله عز وجل وقد بين النبي ـ ﷺ ـ متى يكون القتال في سبيل الله حينما سئل عن رجل خرج ليقاتل شجاعة وليقاتل للمغنم ويقاتل ليرى مكانه قالوا : أي ذلك في سبيل الله قال عليه الصلاة السلام :﴿ من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ﴾.
وقال أهل العلم : يدخل في ذلك الجهاد بالعلم لأن المقصود منه أن تكون كلمة الله هي العليا بين الناس في تعاملهم ومعاملاتهم فالجهاد يكون بالسيف والسنان ويكون أيضاُ باللسان والبيان فنستفيد من هذه الآية إذا لم يستطع القتال لتكون كلمة الله هي العليا فهناك جهاد آخر لا يقل أهمية ويكون سبباً لأن تكون كلمة الله هي العليا وهو العلم الشرعي لأنك بهذا العلم تجعل كلمة الله عالية فحينئذ العلم والبيان من أنواع الجهاد في سبيل الله ثم قال سبحانه : ؟ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ؟ أي هؤلاء هم الذين صدقوا في إيمانهم لا الذين قالوا بألسنتهم.
من فوائد الآية: ـ
١) بيان من هو المؤمن حقاً.
٢) فضل الإيمان وعلو درجته.
٣) التحذير من الشك والريب.
٤) فضل الجهاد بالمال.
٥) فضل الجهاد بالنفس.
٦) أن الجهاد الحق ما كان في سبيل الله.