وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ) يخبر تعالى عن قدرته على الإنسان بأنه خالقه وعلمه محيط بجميع أموره، حتى إنه تعالى يعلم ما توسوس به نفوس بني آدم من الخير والشر.
" وإذا كان الله يعلم ذلك فإنه ينبغي علينا ألا نحدّث أنفسنا بما يكرهه الله ويبغضه.
( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) يعني ملائكته تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه.
" فالمراد بقوله ( ونحن أقرب إليه ) الملائكة، كقوله تعالى ( ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرن ) أي ملائكته، وقوله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر.. ) والملائكة نزلت بالذكر وهو القرآن بإذن الله.
" حبل الوريد : هو الأوداج، وهما العرقان العظيمان المحيطان بالحلقوم.
( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ ) يعني الملكين اللذين يكتبان عمل الإنسان.
عَنِ الْيَمِينِ) يكتب الحسنات.
( و َ) الآخر.
( عَنِ الشِّمَالِ ) يكتب السيئات.
( قَعِيدٌ ) مترصد متهيئ لعمله الذي أعد له ملازم لذلك.
( مَا يَلْفِظُ ) أي ابن آدم.
( مِن قَوْلٍ ) من خير أو شر.
( إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) إلا ولها من يرقبها معد لذلك، يكتبها لا يترك كلمة ولا حركة.
" وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن الملكان يكتبان كل شيء من الكلام، وهذا ظاهر الآية وهو الصحيح، وذهب بعضهم إلى أنه إنما يكتبان ما فيه ثواب أو عقاب.
( وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ) يقول عز وجل : وجاءت أيها الإنسان سكرة الموت بالحق، أي كشف لك عن اليقين الذي كنت تمتري فيه.
( ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) أي هذا هو الذي كنت تفر منه قد جاءك، فلا محيد ولا مناص ولا فكاك ولا خلاص.
" واختلف من المخاطب بالآية، فقيل : الكافر، وقيل : المخاطب الإنسان من حيث هو ورجحه ابن كثير.


الصفحة التالية
Icon