قال ابن القيم :"وتأمل كيف دلت السورة صريحاً على أن الله سبحانه يعيد هذا الجسد بعينه، الذي أطاع وعصى، فينعّمه ويعذبه كما ينعم الروح التي آمنت بعينها، ويعذب التي كفرت بعينها، لا أنه سبحانه يخلق روحاً أخرى غير هذه فينعمها ويعذبها كما قاله من لم يعرف المعاد الذي أخبرت به الرسل، حيث زعم أن الله سبحانه يخلق بدناً غير هذه البدن من كل وجه، عليه يقع النعيم والعذاب، وهذا غير ما اتفقت عليه الرسل ودل عليه القرآن والسنة وسائر كتب الله تعالى، وهذا في الحقيقة إنكار للمعاد وموافقة لقول من أنكره من المكذبين، فإنهم لم ينكروا قدرة الله على خلْق أجسام أُخَرَ غير هذه الأجسام يعذبها وينعمها، كيف وهم يشاهدون النوع الإنساني يخلق شيئاً بعد شيء، فكيف يتعجبون من شيء يشاهدونه عياناً ؟ وإنما تعجبوا من عوْدهم بأعيانهم مبعوثين للجزاء ولهذا قالوا (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) وقالوا ( ذلك رجع بعيد ) ولو كان الجزاء إنما هو لأجسام غير هذه، لم يكن بعْثاً ولا رجعاً، بل يكون ابتداءً، ولم يكن لقوله ( قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ) كبير معنى " انتهى.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : البعث إعادة وليس تجديداً، بل هو إعادة لما زال وتحول، ومن زعم بأن الأجساد تخلق من جديد، فإن هذا زعْم باطل يرده الكتاب والسنة والعقل.
فإن الله يقول (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) أي يعيد ذلك الخلق الذي ابتدأه.
وفي الحديث القدسي : يقول الله تعالى ( ليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته ) فالكل على الله هيّن.
وقال تعالى (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ).