وأمر تعالى بإيفاء المكاييل والموازين والمعاملات كلها بالقسط من غير بخس ولا نقص ولا غش ولا كتمان، وفي ضمن ذلك الأمر بالصدق والنصح في جميع المعاملات، فإنه بذلك يصلح الدين والدنيا، ولذلك قال :﴿ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [الإسراء : ٣٥] أي : هو خير في الحاضر، وأحسن عاقبة في الآجل، يسلم به العبد من التبعات، وتحل البركة في هذه المعاملة.
وقوله :﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [الإسراء : ٣٦] أي : ولا تتبع ما ليس لك به علم، بل تثبت في كل ما تقوله وتفعله، فإن التثبت في الأمور كلها دليل على حسن الرأي وقوة العقل، وبه تتوضح الأمور، ويعرف بعد ذلك هل الإقدام خير أم الإحجام ؟ لأن المتثبت لا بد أن يعمل فكره ويشاور في الأمور التي عليه أن يتثبت فيها ; والفكر والمشاورة اكبر الأسباب لإصابة الصواب والسلامة من التبعة، ومن الندم الصادر من العجلة، ومن عدم استدراك الفارط، ولهذا قال :


الصفحة التالية
Icon