العبودية لله نوعان : عبودية لربوبية الله وملكه، فهذه يشترك فيها سائر الخلق مسلمهم وكافرهم، فكلهم عبيد لله مربوبون مدبرون، وعبودية لألوهيته ورحمته، وهي عبودية أنبيائه وأوليائه، وهي المراد هنا، ولهذا أضافها إلى اسمه ( الرَّحْمَنِ ) تنبيها على أنهم إنما وصلوا إلى هذه الحال برحمته بهم ولطفه وإحسانه، فذكر صفاتهم، أكمل الصفات، وبالاتصاف بها يكون العبد متحققا بعبوديته الخاصة النافعة المثمرة للسعادة الأبدية، فوصفهم بأنهم ﴿ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ﴾ أي : ساكنين متواضعين لله وللخلق، فهذا وصف لهم بالوقار والسكينة والتواضع لله ولعباده، ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ ﴾ أي : خطاب جهل، فإنه أضاف الخطاب لهذا الوصف، ﴿ قَالُوا سَلَامًا ﴾ أي : خاطبوهم خطابا يسلمون فيه من الإثم، ولا يقابلون الجاهل بجهله، وهذا ثناء عليهم بالرزانة والحلم العظيم والعفو عن الجاهل ومقابلة المسيء بالإحسان.