ومع كمال غناه وسعة عطاياه فهو الحميد فيما يشرعه لعباده من الأحكام الموصلة لهم إلى دار السلام، وحميد في أفعاله التي لا تخرج عن الفضل والعدل والحكمة، وحميد الأوصاف ؛ لأن أوصافه كلها محاسن وكمالات، لا يدرك العباد كنهها، ولا يقدرونها حق قدرها، فلما حثهم على الإنفاق النافع نهاهم عن الإمساك الضار ! وبين لهم أنهم بين داعيين : داعي الرحمن يدعوهم إلى الخير، ويعدهم عليه الفضل، والثواب العاجل والآجل، وخلف ما أنفقوا ; وداعي الشيطان الذي يحثهم على الإمساك، ويخوفهم إن أنفقوا افتقروا ; فمن كان مجيبا لداعي الرحمن وأنفق مما رزقه الله فليبشر بمغفرة الذنوب، وحصول كل مطلوب ; ومن كان مجيبا لداعي الشيطان فإنه إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ; فليختر العبد أي الأمرين أليق به، وختم الآية بالإخبار بأنه " واسع عليم " أي : واسع الصفات، كثير الهبات، عليم بمن يستحق المضاعفة من العاملين المخلصين الصادقين، وعليم بمن هو أهل لذلك، فيوفقه لفعل الخيرات وترك المنكرات.