﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ﴾ أي : خرجوا من المسجد حرصا على تلك التجارة واللهو، وتركوا ذلك الخير الحاضر، حتى إنهم تركوا النبي ﷺ قائما يخطب، وذلك لحاجتهم لتلك العير التي قدمت المدينة، وقبل أن يعلموا حق العلم ما في ذلك من الذم وسوء الأدب، فاجتماع الأمرين حملاهم على ما ذكر ; وإلا فهم رضي الله عنهم كانوا أرغب الناس في الخير، وأعظمهم حرصا على الأخذ عن الرسول، وعلى توقيره وتبجيله.
وحالهم المعلومة في ذلك أكبر شاهد، ولكن لكل جواد كبوة، ثم إن الكبوة التي عوتب عليها العبد، وتاب منها وأناب، وغفرها الله، وأبدل مكانها حسنة، لا يحل لأحد اللوم عليها، قل لمن قدم اللهو والتجارة على الطاعة : ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة، التي وإن حصل منها بعض المقاصد فإن ذلك قليل منغص مفوت لخير الآخرة.