وفيه من حصول زيادة الإيمان، والتمرن على الصبر والمشقات المقربة إلى رب العالمين، وأنه سبب لكثرة الطاعات من صلاة وقراءة وذكر وصدقة وغيرها ما يحقق التقوى، وفيه من ردع النفس عن الأمور المحرمة من أقوال وأفعال ما هو من أصول التقوى.
ومنها : أن في الصيام من مراقبة الله بترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه - لعلمه باطلاع ربه عليه - ما ليس في غيره، ولا ريب أن هذا من أعظم عون على التقوى.
ومنها : أن الصيام يضيق مجاري الشيطان « فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم »، فبالصيام يضعف نفوذه، وتقل معاصي العبد.
ومنها : أن الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك، وحمله على مواساة الفقراء المعدمين، وهذا كله من خصال التقوى.
ولما ذكر أنه فرض عليهم الصيام أخبر أنها ﴿ أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ أي : قليلة سهلة، ومن سهولتها أنها في شهر معين يشترك فيه جميع المسلمين ; ولا ريب أن الاشتراك هذا من المهونات المسهلات، ومن ألطاف المولى ومعونته للصائمين، ثم سهل تسهيلا آخر فقال :﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ وذلك للمشقة - غالبا - رخص الله لهما في الفطر.


الصفحة التالية
Icon