فلما قرر فرضيته، وبين حكمته في ذلك وفي تخصيصه قال :﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ أي : من حضر الشهر وهو قادر تحتم عليه صيامه، ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ : أعاد ذلك تأكيدا له، ولئلا يظن أنه أيضا منسوخ مع ما نسخ من التخيير للقادر.
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ﴾ أي : يريد الله أن ييسر ويسهل عليكم الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير ليسهل سلوكها، ويعين عليها بكل وسيلة ؛ ليرغب فيها العباد، وهذا أصل عظيم من أصول الشريعة، بل كلها تدور على هذا الأصل، فإن جميع الأوامر لا تشق على المكلفين، وإذا حصل بعض المشاق والعجز خفف الشارع من الواجبات بحسب ما يناسب ذلك، فيدخل في هذا جميع التخفيفات في جواز الفطر، وتخفيفات السفر، والأعذار لترك الجمعة والجماعة.