واعلم أنه لا يتم التقرب إلى الله بترك المعاصي حتى يفعل الأوامر، فلهذا أتبعه بقوله :﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾ أتى ( بِمَنْ ) المفيدة لتنصيص العموم ؛ فكل عبادة وقربة فإنها تدخل في هذا، والإخبار بعلمه يتضمن الحث على أفعال الخير خصوصا في تلك البقاع الشريفة والحرمات المنيفة فإنه ينبغي اغتنام الخيرات والمنافسة فيها من صلاة وصيام وصدقة وقراءة وطواف وإحسان قولي وفعلي، ﴿ وَتَزَوَّدُوا ﴾ : لهذا السفر المبارك ؛ فإن التزود فيه الاستغناء عن الخلق وعدم التشوف لما عندهم، وإعانة المسافرين، والتوسعة على الرفقة، والانبساط والسرور في هذا السفر، وزيادة التقرب إلى الله تعالى، وهذا الزاد المراد به إقامة البنية بلغة ومتاع، وأما الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه في دنياه وأخراه فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار، وهو الموصل لأكمل لذة وأجل نعيم دائما أبدا ; ومن ترك هذا الزاد فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر وممنوع من الوصول إلى دار المتقين.


الصفحة التالية
Icon