ثم أخبر تعالى عن أحوال الخلق، وأن الجميع يسألونه مطالبهم، ويستدفعونه ما يضرهم ; ولكن هممهم ومقاصدهم متباينة، فمنهم من يقول :﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا ﴾ أي : يسأل ربه من مطالب دنياه وشهواته فقط، ﴿ وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾ لا رغبة له فيها، ولا حظ له منها، ومنهم عالي الهمة من يدعو الله لمصلحة الدارين، ويفتقر إلى ربه في مهمات دينه ودنياه، وكل من هؤلاء وهؤلاء له نصيب من كسبهم وعملهم، وسيجازيهم الله على حسب أعمالهم ونياتهم، جزاء دائرا بين الفضل والإحسان والكرم للمقبولين، وبين العدل والحكمة لغيرهم، وفي هذه الآية دليل على أن الله تعالى يقبل دعوة كل داع، مسلما كان أو كافرا، برا أو فاجرا، ولكن ليست إجابته دعاء من دعاه دليلا على محبته وقربه منه إلا في مطالب الآخرة ومهمات الدين، فمن أجيبت دعوته في هذه الأمور الدائم نفعها كان من البشرى، وكان أكبر دليل على بره وقربه من ربه.


الصفحة التالية
Icon