ولما أكمل الله تعالى أحكام النسك أمر بالإكثار من ذكره في الأيام المعدودات، وهي أيام التشريق في قول جمهور المفسرين، وذلك لمزيتها وشرفها وكون بقية المناسك تفعل بها، ولكون الناس فيها أضيافا لله، ولهذا حرم صيامها، فللذكر فيها مزية ليست لغيرها ; ولهذا قال النبي ﷺ :« أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله »، ويدخل في ذكر الله رمي الجمار، والتكبير عند رميها، والدعاء بين الجمرتين، والذبح والتسمية فيه، والصلوات التي تفعل فيها من فرائض ونوافل، والذكر المقيد بعد الفرائض فيها، وعند كثير من أهل العلم أنه يستحب فيها التكبير المطلق كالعشر، فجميع ما يقرب إلى الله داخل بذكره :﴿ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ ﴾ أي : خرج من منى، ونفر منها قبل غروب الشمس فلا إثم عليه، ومن تأخر بأن بات بها ليلة الثالث من أيام التشريق ؛ ليرمي من غده فلا إثم عليه، وهذا تخفيف من الله على عباده حين أباح الأمرين، مع أن التأخر أرجح لموافقته فعل النبي ﷺ وزيادة العبادات، وقوله :﴿ لِمَنِ اتَّقَى ﴾ هذا من الاحتراز العالي، لأن نفي الحرج يوهم العموم، فقيل ذلك بهذا الشرط الذي هو


الصفحة التالية
Icon