وفي قوله :( قُلْ ) إشارة إلى الإعلان بالعقيدة والصدع بها والدعوة لها ; إذ هي أصل الدين وأساسه، وفي مثل قوله :( آمنا ) - وما أشبهها من الآيات التي يضاف الفعل فيها إلى ضمير الجمع - إشارة إلى أنه يجب على الأمة الاعتصام بحبل الله جميعا، والحث على الائتلاف، والنهي عن الافتراق، وأن المؤمنين كالجسد الواحد، عليهم السعي لمصالحهم كلها جميعا، والتناصح التام.
وفيه دلالة على جواز إضافة الإنسان إلى نفسه الإيمان على وجه التقييد، بأن يقول : أنا مؤمن بالله ; كما يقول : آمنت بالله، بل هذا الأخير من أوجب الواجبات، كما أمر الله به أمرا حتما، بخلاف قول العبد : أنا مؤمن، ونحوه، فإنه لا يقال إلا مقرونا بالمشيئة لما فيه من تزكية النفس ; لأن الإيمان المطلق يشمل القيام بالواجبات وترك المحرمات، فهو كقوله : أنا متق أو ولي أو من أهل الجنة، وهذا التفريق هو مذهب محققي أهل السنة والجماعة.
فقوله :﴿ آمَنَّا بِاللَّهِ ﴾ أي : بأنه واجب الوجود، واحد أحد فرد صمد، متصف بكل صفة كمال، منزه عن كل نقص، مستحق لإفراده بالعبودية كلها، وهو يتضمن الإخلاص التام.


الصفحة التالية
Icon