ومن أسباب النصر والصبر والثبات : اتفاق القلوب، وعدم التفرق والتنازع، فإن ذلك محلل للقوة، موجب للفشل، وأما اجتماع الكلمة، وقيام الألفة بين المؤمنين، واتفاقهم على إقامة دينهم وعلى نصره فهذا أقوى القوى المعنوية التي هي الأصل، والقوة المادية تبع لها، والكمال : الجمع بين الأمرين كما أمر الله بذلك في هذه الآية، وفي قوله :
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ ﴾ [الأنفال : ٦٠].
ومن أسباب الثبات والنصر : حسن النية، وكمال الإخلاص في إعلاء كلمة الحق ; فلهذا حذر تعالى من مشابهة الذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس، ويصدون عن سبيل الله، فهؤلاء لما لم يعتمدوا على ربهم، وأعجبوا بأنفسهم، وخرجوا أشرين بطرين، وكان قتالهم لنصر الباطل باءوا بالخيبة والفشل والخذلان، ولهذا أدب خيار الخلق لما حصل من بعضهم الإعجاب بالكثرة في غزوة حنين حيث قال القائل : لن نغلب اليوم عن قلة. فقال :