وكان ﷺ يرتب الجيش، وينزلهم منازلهم، ويجعل في كل جنبة كفئها، ويسد الثغرات التي يخشى أن يتسرب منها العدو، يحفظ المكامن، ويبعث العيون لتعرف أحوال العدو، ويستعين بمشاورة أصحابه كما أمر الله بذلك، خصوصا في هذا الأمر المهم، وتعرف أسرار العدو، وبث العيون، ووضع الجواسيس السريين الذين لا يكاد يشعر بهم، كما أن من المهم التحرز من جواسيس العدو، وعمل الأسباب لأخذ الحذر من ذلك بحسب ما يليق، ويناسب الزمان والمكان.
ومن المهم أيضا أن تفعل جميع الأسباب الممكنة في إخلاص الجيوش، وقتالها عن الحق، وأن تكون غايتها كلها واحدة لا يزعزعها عن هذا الغرض السامي فقد رئيس، أو انحراف كبير، أو تزعزع مركز قائد، أو توقف في صمودها في طريقها النافع على أمور خارجية، فإنه متى كانت هذه الغاية العالية هي التي يسعى لها أهل الحل والعقد، ويعملون لها التعليمات القولية والفعلية، كانت الجيوش التي على هذا الوصف مضرب المثل في الكمال وسداد الأحوال، وحصول المقاصد الجليلة ; ولهذا أرشد الله المؤمنين يوم أحد إلى هذا النظام العجيب، فقال تعالى :


الصفحة التالية
Icon