ومن الأمور المهمة جدا سلوك طريق الحق، والعدل في قسمة الغنائم، وأن لا تكون ظالمة مستبدا بها الأقوياء، محروما منها الضعفاء، أو تكون فوضى، فإن هذين الأمرين مع ضررهما في الدين - وإن هذا لا يحل ولا يجوز، وهو من أعظم المحرمات - فإنهما يضران غاية الضرر في الجيوش في وقوع العداوات، وحصول الجشع والطمع، وكون وجهتها تكون متباينة، فبذلك ينحل النظام، ويقع الفشل، ويكون هذا الأمر أعظم سلاح للأعداء على المسلمين.
ومن الأمور المهمة جدا أيضا - وهي عون كبير في الحروب - السعي بقدر الاستطاعة في إيقاع الانشقاق في صفوف الأعداء، وفعل كل سبب يحصل به تفريق شملهم وتفريق وحدتهم، ومهادنة من يمكن مهادنته منهم، وبذل الأموال للرؤساء إذا غلب على الظن أن ينكف شرهم عن المسلمين، فكم حصل بهذا الطريق من نكاية العدو ما لا يحصل بالجيوش الكثيرة، ولهذا قال :
﴿ إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ﴾ [النساء : ٩٠].