وفيها أن شهادة الفساق والمجهولين غير مقبولة، وأن الاعتبار بمن يرضاه الناس ويعتبرونه.
وفيها أن شهادة المرأتين تقوم مقام شهادة الرجل لكمال حفظ الرجل وقوة ذاكرته، كما نبه عليه بقوله :﴿ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ﴾ [البقرة : ٢٨٢].
وفيها دلالة أن من نسي شهادة فتذكرها، أو ذكرها فذكرها أن شهادته صحيحة.
وفيها أنه لا يحل أن يشهد إلا بما علمه وتيقنه، فإن شك فيه لم يحل له أن يشهد.
وفيها بيان الحكمة العظيمة في هذه الإرشادات من الرب في حفظ المعاملات، وأن ذلك صلاح للعباد في معاملاتهم، وأن تكون جارية على القسط، وأنها تقطع الخصومات والمنازعات، وتبرئ الذمم، وتمنع الظالم من ظلمه، فلهذا قال :
﴿ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا ﴾ [البقرة : ٢٨٢].
فكم حصل بهذه الوثائق التي أرشد الله إليها من مصالح عظيمة، وكم اندفع بها من مفاسد وشرور كثيرة، فسبحان من جعل شرعه صلاحا لدين العباد ودنياهم.