لما من الباري على عباده بالنكاح قدرا وأباحه شرعا، بل أحبه ورضيه وحث عليه ؛ لما يترتب عليه من المصالح الكثيرة، رتب عليه أحكاما كثيرة وحقوقا متنوعة تدور كلها على الصلاح وإصلاح أحوال الزوجين، ودفع الضرر والفساد، وهي من محاسن الشريعة، والشريعة كلها محاسن، وجلب للمصالح، ودرء للمفاسد، يقول تعالى هنا :﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا ﴾ أي : تقوموا بحق النساء اليتامى اللاتي تحت حجوركم وولايتكم لعدم محبتكم إياهن فاعدلوا إلى غيرهن ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ﴾ أي : ينبغي أن تختاروا منهن الطيبات في أنفسهن اللاتي تطيب لكم الحياة بالاتصال بهن، الجامعات للدين والحسب والعقل والآداب الحسنة وغير ذلك من الأوصاف الداعية لنكاحهن.
وفي هذه الآية الحث على الاختيار قبل الخطبة، وأنه ينبغي أن لا يتزوج إلا الجامعة للصفات المقصودة بالنكاح، فإن النكاح يقصد لأمور كثيرة من أهمها كفاءة البيت والعائلة وحسن التدبير وحسن التربية، وأهم صفة هذا النوع الدين والعقل.
ويقصد به إحصان الفرج، والسرور في الحياة، وعمدة هذا حسن الأخلاق الظاهرة، وحسن الخلائق الباطنة.


الصفحة التالية
Icon