كان أهل الجاهلية إذا مات أحدهم ورثت زوجته عنه كما يورث ماله، فرأى قريبه كأخيه وابن عمه أنه أحق بها من نفسها، ويحجرها عن غيره، فإن رضي بها تزوجها على غير صداق، أو على صداق يحبه هو دونها، وإن لم يرض بزواجها عضلها ومنعها من الأزواج إلا بعوض من الزوج أو منها، وكان منهم أيضا من يعضل زوجته التي هي في حباله، فيمنعها من حقوقها، ومن التوسعة لها لتفتدي منه، فنهى الله المؤمنين عن هذه الأحوال القبيحة الجائرة ﴿ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾ كالزنا والكلام الفاحش وأذيتها لزوجها ومن يتصل به، فيجوز في هذه الحال أن يعضلها مقابلة لها على فعلها لتفتدي منه ; فإن هذا الافتداء بحق لا بظلم، ثم قال :﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾، وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية، فعلى الزوج أن يعاشر زوجته ببذل النفقة والكسوة والمسكن اللائق بحاله، ويصاحبها صحبة جميلة بكف الأذى، وبذل الإحسان، وحسن المعاملة والخلق، وأن لا يمطلها بحقها، وهي كذلك عليها ما عليه من العشرة، وكل ذلك يتبع العرف في كل زمان ومكان وحال ما يليق به، قال تعالى :


الصفحة التالية
Icon