فإن وصل إلى الدرجة العالية التي لا يصل إليها إلا أفراد من كمل الرجال جعل المحاسن نصب عينيه، وأغضى عن المساوئ بالكلية، وعفا عنها لله ولحق صاحب الحق، فهذا قد كسب الأجر والراحة والخلق الذي لا يلحق، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وهذا الصبر المأمور به إنما هو مع الإمكان، فإن كان لا بد من الفراق، ولم يبق للصبر والإمساك موضع، فالله قد أباح الفراق، فلهذا قال :﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ ﴾ أي : فلا حرج عليكم، ولكن إذا آتيتم إحداهن أي : الزوجة السابقة أو اللاحقة ( قِنْطَارًا ) وهو المال الكثير، ﴿ فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ﴾، بل وفروه لهن ولا تمطلوهن، وهذا يدل على جواز إعطاء النساء من المهور وغيرها المال الكثير، وأنها بذلك تملكه، ولكن الأكمل والأفضل التساهل في المهور اقتداء بالنبي ﷺ، وتسهيلا للنكاح ولطرقه وبراءة للذمم.