وفي قوله :﴿ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة : ٢٤١].
وهذا العموم يقتضي أن كل مطلقة لها على زوجها متعة، لكن إن كانت غير مدخول بها ولم يسم لها مهر، فالمتعة واجبة كما تقدم بحسب يسار الزوج وإعساره، وإن كان قد سمي لها مهر تنصف المهر وكان النصف الحاصل لها هو المتعة، فإن لم يكن الأمر كذلك كانت المتعة حقا معروفا وإحسانا جميلا ؛ لما فيها من جبر خاطرها وقضاء نوائبها التي هي مظنة الحاجة إليها في تلك الحال، وكون ذلك عنوانا على التسريح بالمعروف، ودفعا للمشاغبات والعداوات التي تحدث لكثير من الناس عند الطلاق، واحتياطا لبراءة ذمته مما لعله لحقه لها من الحقوق، وتسهيلا للرجعة أو المراجعة إذا تغيرت الحال، وأحدث الله بعد ذلك أمرا، ولها من الفوائد شيء كثير، ومدح الله هذه الأحكام الجليلة بقوله :
﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة : ٢٤٢].
فسمى هذه الأحكام آيات ؛ لأنها تدل أكبر دلالة على عنايته ولطفه بعباده، وأنه شرع لهم من الأحكام، الأحكام الصالحة لكل زمان ومكان، ولا يصلح العباد غيرها.


الصفحة التالية
Icon