وفي هذه الآية دليل على أن الأصل وجوب القود في العمد العدوان، وأن الدية بدل عنه، فلهذا قال :﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ﴾ أي : عفا ولي المقتول عن القاتل إلى الدية، أو عفا بعض الأولياء فإنه يسقط القصاص وتجب الدية، وتكون الخيرة في القود واختيار الدية إلى الولي، فإذا عفا عنه وجب على ولي المقتول أن يتبع القاتل بالمعروف من غير أن يشق عليه ولا يحمله ما لا يطيق، بل يحسن الاقتضاء والطلب ولا يحرجه، وعلى القاتل أداء إليه بإحسان من غير مطل ولا نقص ولا إساءة فعلية أو قولية، فهل جزاء الإحسان إليه بالعفو إلا الإحسان بحسن القضاء ؟ وهذا مأمور به في كل ما ثبت في ذمم الناس للإنسان : مأمور من له الحق بالاتباع بالمعروف، ومن عليه الحق بالأداء بإحسان كما قال ﷺ :« رحم الله عبدا سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى ».