وأما القسط فهو العدل الكامل ; والله تعالى هو القائم بالعدل في شرعه وخلقه وجزائه ; فإن العبادات الشرعية والمعاملات وتوابعها، والأمر والنهي كله عدل وقسط، لا ظلم فيه بوجه من الوجوه، بل هو في غاية الإحكام والانتظام، في غاية الحكمة، والجزاء على الأعمال كله دائر بين فضل الله وإحسانه على الموحدين المؤمنين به، وبين عدله في عقوبة الكافرين والعاصين، فإنه لم يهضمهم شيئا من حسناتهم، ولم يعذبهم بغير ما كسبوا :﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام : ١٦٤].
قال تعالى :﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ ﴾ [الأنعام : ١٩]، فتوحيد الله ودينه قد ثبت ثبوتا لا ريب فيه، وهو أعظم الحقائق وأوضحها ; وقد شهد الله له بذلك بما أقام من الآيات والبراهين والحجج المتنوعة عليه، ومن شهادته تعالى أنه أقام أهل العلم العارفين بهذه الشهادة، فإنهم المرجع للعباد في تحقيق كل حق، وإبطال كل باطل، لما خصهم الله به من العلم الصحيح، واليقين التام، والمعرفة الراسخة.


الصفحة التالية
Icon