فلم يخضع الخبيث لربه، ولم يتب إليه، بل بارزه بالعداوة، وصمم التصميم التام على عداوة آدم وذريته، ووطن نفسه لما علم أنه حتم عليه الشقاء الأبدي أن يدعو الذرية بقوله وفعله وجنوده إلى أن يكونوا من حزبه الذين كتبت لهم دار البوار، فقال :
﴿ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الحجر : ٣٦].
فيتفرغ لإعطاء العداوات حقها في آدم وذريته.
ولما كانت حكمة الله اقتضت أن يكون الآدمي مركبا من طبائع متباينة، وأخلاق طيبة أو خبيثة، وكان لا بد من تمييز هذه الأخلاق وتصفيتها بتقدير أسبابها من الابتلاء والامتحان الذي من أعظمه تمكين هذا العدو من دعوتهم إلى كل شر، أجابه :
﴿ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴾﴿ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴾ [الحجر : ٣٧ و ٣٨].
فقال لربه معلنا معصيته، وعداوته آدم وذريته :
﴿ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾﴿ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف : ١٦ و ١٧].


الصفحة التالية
Icon