الثامن : ما أقامه الله من الأدلة والآيات الأفقية والنفسية، التي تدل على التوحيد أعظم دلالة وأوضحها، وتنادي عليه بلسان المقال ولسان الحال، بما أودعها من لطائف صنعته وبديع حكمته وغرائب خلقه.
التاسع : ما أودعه الله في شرعه من الآيات المحكمة والأحكام الحسنة والحقوق العادلة والخير الكثير، وجلب المنافع كلها ودفع المضار، ومن الإحسان المتنوع، وذلك يدل أكبر دلالة أنه الله الذي لا يستحق العبادة سواه، وأن شريعته التي نزلت على ألسنة رسله شاهدة بذلك.
فهذه الطرق التي لا تحصى أنواعها وأفرادها قد أبدأها الله في كتابه وأعادها، ونبه بها العباد على هذا المطلوب الذي هو أعظم المطالب وأجل الغايات، فمن سلك طريقا من هذه الطرق أفضت به إلى العلم واليقين بأنه لا إله إلا هو، وكلما ازداد العبد سلوكا لهذه الطرق، ورغبة فيها ومعرفة ازداد يقينه ورسخ إيمانه، وكان الإيمان في قلبه أرسخ من الجبال، وأحلى من كل لذيذ وأنفس من كل نفيس.
والطريق الأعظم الجامع لذلك كله تدبر القرآن العظيم والتأمل في آياته، فإنه الباب الأعظم إلى العلم بالتوحيد، ويحصل به من تفاصيله وجمله ما لا يحصل من غيره.