ومن آيات هود الخاصة أنه متفرد وحده في دعوته وتسفيه أحلامهم وتضليلهم والقدح في آلهتهم، وهم أهل البطش والقوة والجبروت، وقد خوَّفوه بآلهتهم إن لم ينته أن تمسه بجنون أو سوء فتحدَّاهم علنا، وقال لهم جهارا :
﴿ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ﴾﴿ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِي ﴾﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [هود : ٥٤ - ٥٦].
فلم يصلوا إليه بسوء.
فأي آية أعظم من هذا التحدي لهؤلاء الحريصين على إبطال دعوته بكل طريق ؟ فلما انتهى طغيانهم تولَّى عنهم وحذَّرهم نزول العذاب، فجاءهم العذاب معترضا في الأفق، وكان الوقت وقت شدة عظيمة وحاجة شديدة إلى المطر، فلما استبشروا وقالوا :
﴿ هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ﴾ [الأحقاف : ٢٤].
قال الله :﴿ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ ﴾ [الأحقاف : ٢٤].
بقولكم فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين :
﴿ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأحقاف : ٢٤ و ٢٥].