الحجة عليهم نفع وانتفع، وأشار الباري إلى هذا في آخر قصة عاد، فقال :
﴿ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ ﴾ [الأحقاف : ٢٧].
أي : نوعناها بكل فن ونوع ﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الأحقاف : ٢٧].
أي : ليكون أقرب لحصول الفائدة.
ومنها : أن اتخاذ المباني الفخمة للفخر والخيلاء والزينة وقهر العباد بالجبروت من الأمور المذمومة الموروثة عن الأمم الطاغية، كما قال الله في قصة عاد وإنكار هود عليهم، قال :
﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ﴾﴿ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴾ [الشعراء : ١٢٨ و ١٢٩].
وبالجملة فالبنايات للقصور والحصون والدور وغيرها من الأبنية :
إما أن تتخذ مساكن للحاجة إليها، والحاجات تتنوع وتختلف، فهذا النوع من الأمور المباحة، وقد يتوسل به بالنية الصالحة إلى الخير.
وإما أن تكون البنايات حصونا واقية لشرور الأعداء، وثغورا تحفظ بها البلاد ونحوها مما ينفع المسلمين، ويقيهم الشر، فهذا النوع يدخل في الجهاد في سبيل الله، وهو داخل في الأمر باتخاذ الحذر من الأعداء.