ومنها : أن الداعي إلى الله يحتاج إلى الحلم وحسن الخلق ومقابلة المسيئين بأقوالهم وأفعالهم بضد ذلك، وأن لا يُحبطه أذى الخلق ولا يصده عن شيء من دعوته، وهذا الخلق كماله للرسل صلوات الله عليهم وسلم، فانظر إلى شعيب عليه السلام، وحسن خلقه مع قومه، ودعوته لهم بكل طريق وهم يسمعونه الأقوال السيئة، ويقابلونه المقابلة الفعلية، وهو ﷺ يحلم عليهم ويصفح، ويتكلم معهم كلام من لم يصدر منهم له وفي حقه إلا الإحسان، ويهون هذا الأمر أن هذا خُلُقٌ من ظفر به وحازه فقد فاز بالحظ العظيم، وأن لصاحبه عند الله المقامات العالية والنعيم المقيم، ويهونه أنه يعالج أمما قد طبعوا على أخلاق إزالتها وقلعها أصعب من قلع الجبال الرواسي، ومرنوا على عقائد ومذاهب بذلوا فيها الأموال والأرواح، وقدموها على جميع المهمات عندهم، أفتظن مع هذا أن أمثال هؤلاء يقتنعون بمجرد القول بأن هذه مذاهب باطلة وأقوال فاسدة، أم تحسبهم يغتفرون لمن نالها بسوء ؟.. كلا والله، إن هؤلاء يحتاجون إلى معالجات متنوعة بالطرق التي دعت إليها الرسل، يذكرون بنعم الله، وأن الذي تفرد بالنعم يتعين أن يفرد بالعبادة، ويذكر لهم من


الصفحة التالية
Icon