* الأمر الثاني : أن بعض أهل العلم العصريين الذين يتظاهرون بنصر الإسلام، والدخول مع هؤلاء الزنادقة في الجدال عنه يريدون باجتهادهم أو اغترارهم أن يطبقوا السنن الإلهية وأمور الآخرة على ما يعرفه العباد بحواسهم، ويدركونه بتجاربهم، فحرفوا لذلك المعجزات، وأنكروا الآيات البينات، ولم يستفيدوا إلا الضرر على أنفسهم، وعلى من قرأ كتاباتهم في هذه المباحث ؛ إذ ضعف إيمانهم بالله بتحريفهم لمعجزات الأنبياء تحريفا يؤول إلى إنكارها، وإنكارهم هذا النوع العظيم من قضاء الله وقدره، وضعف إيمان من وقف على كلامهم ممن ليست له بصيرة، ولا عنده من العلوم الدينية ما يبطل هذا النوع، ولم يحصل ما زعموه من جلب الماديين إلى الهدى والدين، بل زادوهم إغراء في مذاهبهم، لما رأوا أمثال هؤلاء يحاولون إرجاع النصوص الدينية، ومعجزات الأنبياء، وأمور الغيب إلى علوم هؤلاء القاصرة على التجارب المدركات بالحواس، فيا عظم المصيبة، ويا شدة الجرم المزوق، ولكن ضعف البصيرة والإعجاب بزنادقة الدهريين أوجب الخضوع لأقوالهم، فلا حول ولا قوة إلا بالله.


الصفحة التالية
Icon