إن كان هذا من كلام سليمان فمعناه إننا أُخبرنا عن عقلها، وعلمنا بذلك قبل هذه الحالة فتحققناها لما سبرناها، وإن كان الكلام كلام ملكة سبأ، فإنها تقول :﴿ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ ﴾ عن ملك سليمان، وأنه ملك نبوة ورسالة وقوة هائلة من قبل هذه الحالة، ﴿ وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ﴾ مذعنين لما قاله سليمان بعدما تحققنا أمره، فكأنه قيل : مع عقلها هذا ورأيها السديد فكيف كانت تعبد غير الله ؟ وكيف اجتمع العقل وعبادة من لا ينفع ولا يضر، وإنما يضر من عبده ؟
حاصل الجواب قوله :
﴿ وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ ﴾ [النمل : ٤٣].
أي : العقائد التي نشأت عليها، والمذاهب الفاسدة تسيطر على عقل العاقل، وتذهب لب اللبيب حتى يقيض له من الأسباب المباركة ما يبين له الحق، ويمن عليه باتباعه.
وكان له صرح من قوارير أجرى تحته الأنهار، فكان من ينظر إليه يظنه ماء يجري ؛ لأن الزجاج شفاف، فلما قيل لها : ادخلي الصرح، فرأته لجة وكشفت عن ساقيها، قال : إنه صرح ممرد من قوارير، قالت :


الصفحة التالية
Icon