ومنها : أنه ينبغي استعمال الأدب في الدخول على الناس، خصوصا الحكام والرؤساء ; فإن الخصمين لما دخلا على داود في حالة غير معتادة، ومن غير الباب فزع منهم، واشتد عليه ذلك، ورآه غير لائق بالحال.
ومنها : أنه لا يمنع الحاكم من الحكم بالحق سوء أدب الخصم، وفعله ما لا ينبغي.
ومنها : كمال حلم داود ; فإنه ما غضب منهما حين جاءاه بغير استئذان، ولا انتهرهما ولا وبخهما.
ومنها : جواز قول المظلوم لمن ظلمه أنت ظلمتني، أو : يا ظالم ونحوه، أو : يا باغي لقوله :﴿ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ ﴾.
ومنها : أن المنصوح ولو كان كبير القدر كثير العلم عليه أن لا يغضب ولا يشمئز، بل يبادر بقبول النصيحة والشكر لمن نصحه، ويحمد الله إذ قيض له النصيحة على يد الناصح، فإن داود لم يشمئز من قول الخصمين :﴿ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ﴾ بل حكم بالحق الصرف.


الصفحة التالية
Icon