فركض، فنبعت بركضته عين ماء بارد، فقيل له : اشرب منها واغتسل، ففعل ذلك، فأذهب الله ما في باطنه وظاهره من البلاء، ثم أعاد الله له أهله وماله، وأعطاه من النعم والخيرات شيئا كثيرا، وصار بهذا الصبر قدوة للصابرين، وسلوة للمبتلين، وعبرة للمعتبرين، وكان في مرضه قد وجد على زوجته المرأة البارة الرحيمة في بعض شيء، فحلف أن يجلدها مائة جلدة، فخفف الله عنه وعنها، وقيل له : خذ بيدك ضغثا حزمة حشيش أو علف أو شماريخ أو نحوها فيها مائة عود فاضرب به ولا تحنث، أي : ينحل بذلك يمينك، وفي هذا دليل على أن كفارة اليمين لم تشرع لأحد من قبل شريعتنا، وأن اليمين عندهم بمنزلة النذر الذي لا بد من وفائه، وفي هذا دليل على أن من لا يحتمل إقامة الحد عليه لضعفه ونحوه أنه يقام عليه مسمى ذلك ؛ لأن الغرض التنكيل ليس الإتلاف والإهلاك.
قصة الخضر مع موسى ومحلها في أثناء قصص موسى


الصفحة التالية
Icon