فأخرج الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة، وأنك هل تأذن لي أم لا ؟ وإظهار حاجته إلى المعلم، وأنه يتعلم منه ومشتاق إلى ما عنده، بخلاف حال أهل الكبر والجفاء الذين لا يظهرون حاجتهم إلى علم المعلم، فلا أنفع للمتعلم من إظهار الحاجة إلى علم المعلم وشكره على تعليمه.
ومنها : تواضع الفاضل للتعلم ممن هو دونه، فإن موسى بلا ريب أفضل من الخضر.
ومنها : تعلم العالم الفاضل للعلم الذي لم يتمهر فيه ممن مهر فيه، وإن كان دونه في العلم درجات ; فإن موسى من أكابر أولي العزم من الرسل، الذين منحهم الله، وأعطاهم من العلوم ما لم يعط سواهم، ولكن في هذا العلم الخاص كان عند الخضر ما ليس عنده، فلهذا اشتد حرصه على التعلم منه.
ومنها : أنه يتعين إضافة العلم وغيره من الفضائل إلى فضل الله ورحمته، والاعتراف بذلك، وشكر الله عليه لقوله :﴿ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾.