﴿ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾ [الكهف : ٩٥].
ولم يقل : سدًّا ؛ لأن الذي بني فقط هو تلك الثنية والريع الواقع بين السدين الطبيعيين، أي : بين سلاسل تلك الجبال، فدبرهم على كيفية آلاته وبنيانه فقال :
﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ﴾ [الكهف : ٩٦].
أي : اجمعوا لي جميع قطع الحديد الموجودة من صغار وكبار، ولا تدعوا من الموجود شيئا، واركموه بين السدين، ففعلوا ذلك حتى كان الحديد تلولا عظيمة موازنة للجبال، ولهذا قال :
﴿ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ ﴾ [الكهف : ٩٦].
أي : الجبلين المكتنفين لذلك الردم قال :
﴿ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴾ [الكهف : ٩٦].
أي : أمر بالنحاس، فأذيب بالنيران، وجعل يسيل بين قطع الحديد، فالتحم بعضها ببعض، وصارت جبلا هائلا متصلا بالسدين ; فحصل بذلك المقصود من عيث يأجوج ومأجوج، ولهذا قال :
﴿ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ ﴾ أي :[يصعدوا ذلك الردم] ﴿ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴾﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ﴾ [الكهف : ٩٧ و ٩٨].