كما أمرت بذلك، فقالوا منكرين عليها مقالتها لهم :
﴿ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ﴾ [مريم : ٢٩].
فقال، وهو في تلك الحال له أيام يسيرة بعد ولادته :
﴿ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ﴾﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾﴿ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم : ٣٠ - ٣٣].
فكان هذا الكلام منه في هذه الحال من آيات الله، وأدلة رسالته، وأنه عبد الله لا كما يزعمه النصارى، وحصل لأمه البراءة العظيمة مما يظن بها من السوء، لأنها لو أتت بألف شاهد على البراءة وهي على هذه الحال ما صدقها الناس، ولكن هذا الكلام من عيسى وهو في المهد جلا كل ريب يقع في القلوب، فانقسم الناس فيه بعد هذا ثلاثة أقسام :
قسم آمنوا به وصدقوه في كلامه هذا، وفي الانقياد له بعد النبوة، وهم المؤمنون حقيقة.