ومنها : أن من دخل الإيمان قلبه استنار بمعرفة ربه ونور الإيمان به، وكان مخلصا لله في كل أحواله، فإن الله يدفع عنه ببرهان إيمانه وإخلاصه من أنواع السوء والفحشاء وأسباب المعاصي ما هو جزاء لإيمانه وإخلاصه ; لأن الله علل صرف هذه الأمور عن يوسف بقوله :﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ على قراءة من قرأها بكسر اللام، ومن قرأها بالفتح فإن من أخلصه الله واجتباه فلا بد أن يكون مخلصا، فالمعنيان متلازمان.
ومنها : أنه ينبغي للعبد إذا ابتلي بالوقوع في محل فيه فتنة وأسباب معصية أن يفر ويهرب غاية ما يمكنه ؛ ليتمكن من التخلص من ذلك الشر، كما فر يوسف هاربا للباب، وهي تمسك بثوبه وهو مدبر عنها.
ومنها : أن القرائن يعمل بها عند الاشتباه في الدعاوى، وذلك أن الشاهد الذي شهد أي : حكم على يوسف وعلى المرأة اعتبر القرينة فقال :
﴿ إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ ﴾ [يوسف : ٢٦].
إلى آخر القضية، وصار حكمه هذا موافقا للصواب، ومن القرائن وجود الصواع في رحل الأخ، وقد اعتبر هذا وهذا.