ومنها : أنه يتعين على المعلم والداعي إلى الله استعمال الإخلاص التام في تعليمه ودعوته، وأن لا يجعل ذلك وسيلة إلى معاوضة في مال أو جاه أو نفع، وأن لا يمتنع من التعليم إذا لم يفعل السائل ما كلفه به المعلم، فإن يوسف قد وصى أحد الفتيين أن يذكره عند ربه فلم يذكره ونسي، فلما بدت حاجتهم إلى سؤال يوسف أرسلوا ذلك الفتى، وجاءه سائلا مستفتيا عن تلك الرؤيا، فلم يعنفه يوسف ولا وبخه، بل ولا قال له : لِمَ لَمْ تذكرني عند ربك ؟ وأجابه جوابا تاما من جميع الوجوه.
ومنها : أنه ينبغي للمسؤول إذا أجاب السؤال أن يدل السائل على الأمر الذي ينفعه مما يتعلق بسؤاله، ويرشده إلى الطريق التي ينتفع بها في دينه ودنياه، فإن هذا من كمال نصحه، وجزالة رأيه، وحسن إرشاده ; فإن يوسف لم يقتصر على تعبير رؤيا الملك، بل دلهم مع ذلك، وأشار عليهم بما يصنعونه في تلك السنين المخصبات من الإكثار من الزراعة، وحسن الحفظ والجباية.
ومنها : أنه لا يلام العبد على دفع التهمة عن نفسه، بل ذلك مطلوب كما امتنع يوسف من الخروج من السجن حتى تتبين لهم براءته مع النسوة اللاتي قطعن أيديهن.