وقيد هدايته في بعض الآيات بعدة قيود : قيد هدايته بأنه هدى للمؤمنين المتقين ; لقوم يعقلون، ويتفكرون، ولمن قصده الحق، وهذا بيان منه تعالى لشرط هدايته ; وهو أن المحل لا بد أن يكون قابلا وعاملا، فلا بد لهدايته من عقل وتفكير وتدبر لآياته ; فالمعرض الذي لا يتفكر ولا يتدبر آياته لا ينتفع به، ومن ليس قصده الحق ولا غرض له في الرشاد، بل قصده فاسد، وقد وطن نفسه على مقاومته ومعارضته، ليس له من هدايته نصيب ; فالأول حرم هدايته لفقد الشرط، والثاني لوجود المانع ; فأما من أقبل عليه، وتفكر في معانيه وتدبرها بحسن فهم، وحسن قصد، وسلم من الهوى، فإنه يهتدي به إلى كل مطلوب، وينال به كل غاية جليلة ومرغوب.
ووصفه بأنه رحمة، وهي الخير الديني والدنيوي والأخروي المترتب على الاهتداء بالقرآن، فكل من كان أعظم اهتداء به فله من الرحمة والخير والسعادة والفلاح بحسب ذلك.
ووصفه بأنه نور، وذلك لبيانه وتوضيحه العلوم النافعة، والمعاني الكاملة، وأن به يخرج العبد من جميع الظلمات : ظلمات الجهل والكفر والمعاصي والشقاء، إلى نور العلم واليقين والإيمان والطاعة والرشاد المتنوع.


الصفحة التالية
Icon