وقد تحدى أقصاهم وأدناهم، وأفرادهم وجماعتهم، وأولهم وآخرهم أن يأتي بمثله أو بعشر سور من مثله، أو بسورة واحدة من مثله ; وصرح لهم أنهم إن أتوا بشيء من مثله فهم صادقون، وهم أهل الفصاحة والبلاغة في الكلام، فعجزوا غاية العجز عن معارضته والإتيان بمثله، واتضح لهم ولغيرهم عيهم وعجزهم، وتبين بطلان دعواهم.
وكل من حاول أن يأتي بكلام يعارض به ما جاء به الرسول صار كلامه ضحكة للصبيان فضلا عن أهل النظر والعقول، وكل شبهة يدلون بها في معارضة الرسول من حين يوجه لها النظر الصحيح تضمحل وتزهق، ﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء : ٨١].
ومن جراءتهم أنهم قالوا : إن هذا القرآن الذي جاء به محمد أساطير الأولين، اكتتبها من كتب الأولين المسطورة، فهي تملى عليه بكرة وأصيلا، فيا ويحهم ! من الذي عندهم في بطن مكة يمليها ؟ وهل يوجد في ذلك الوقت في مكة أو ما حولها كتب تملى ؟ ولو فرض وقدر أنه يوجد أحد، لم يختص محمد وحده بالأخذ عنه ؟