ومنها : أن الإيمان يشجع العبد، ويزيد الشجاع شجاعة، فإنه لاعتماده على الله العزيز الحكيم ولقوة رجائه وطمعه فيما عنده تهون عليه المشقات، ويقدم على المخاوف واثقا بربه، راجيا له، راهبا من نزوله من عينه لخوفه من المخلوقين ; ومن الأسباب لقوة الشجاعة أن المؤمن يعرف ربه حقا، ويعرف الخلق حقا، فيعرف أن الله هو النافع الضار، المعطي المانع، الذي لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع السيئات إلا هو، وأنه الغني من جميع الوجوه، وأنه أرحم بعباده من الوالدة بولدها، وألطف به من كل أحد، وأن الخلق بخلاف ذلك كله ; ولا ريب أن هذا داع قوي عظيم يدعو إلى قوة الشجاعة، وقصر خوف العبد ورجائه على ربه، وأن ينتزع من قلبه خوف الخلق ورجاءهم وهيبتهم.