والمقصود أن هذه الأصول العظيمة قد قامت البراهين القواطع عليها من كل وجه وبكل اعتبار، وجميع الحقائق الصحيحة غيرها لم يقم على ثبوتها وعلمها عشر معشار ما قام على هذه الأصول من البراهين المتنوعة، ففي هذا دليل على أن كل من أثبت معلوما أو حقيقة من الحقائق بطريق عقلي أو خبري أو حسي، ثم نفى مع ذلك واحدا من هذه الأصول الثلاثة التي هي أساس الدين، فقد كابر عقله وحسه وعلمه، ونادى على نفسه بالتناقض العظيم ; لأن الطرق التي دلته على إثبات معلوماته هي - وأضعافها وأضعاف أضعافها، وما هو أقوى منها وأوضح - قد دلت على التوحيد والرسالة والمعاد.
واعلم أن المعلومات بخبر الله وخبر رسله عامة يدخل فيها الإخبار عن الله وعن ملائكته وعن الغيوب كلها، وأمور الشرع والقدر، وهي الأخبار المعصومة الصادقة التي يعلم كذب ما خالفها وبطلانه، ولنكتف بهذا الأنموذج من الأمثلة، والله أعلم.