واعلم أن الحق - سبحانه - قسم خلقه على ثلاثة أقسام : قسم أعدَّهم للكرم والإحسان، ليُظْهِرَ فيهم اسم الكريم أو الرحيم، وهو المنعم عليه بالإيمان والاستقامة. وقسم أعدَّهم للانتقام والغضب، ليُظهر فيهم اسمه المنتقم أو القهار، وهم المغضوب وعليهم والضالون عن طريق الحق عقلاً أو عملاً، وهم الكفار، وقسم أعدَّهم الله للحِلْم والعفو، ليُظهر فيهم اسمه تعالى الحليم والعفو، وهم أهل العصيان من المؤمنين.
فمن رَامَ أن يكونَ الوجودُ خالياً من هذه الأقسام الثلاثة، وأن يكون الناس كلهم سواء في الهداية أو ضدها، فهو جاهل بالله وبأسمائه ؛ إذ لا بد من ظهور آثار أسمائه في هذا الآدمي، من كرم وقهرية وحِلْم وغير ذلك. والله تعالى أعلم. أهـ [البحر المديد المجيد حـ١ صـ٢٥].
وقال ابن أبي حاتم في تفسيره [حـ١ ص٣١] : ولا أعلم في هذا الحرف اختلافاً بين المفسرين. أ هـ. وقال ابن جزي -رحمه الله- مرجحاً القول الأول بقوله : والأول أرجح لأربعة أوجه روايته عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجلالة قائله، وذكر [ولا] في قوله "ولا الضالين" دليل على تغاير الطائفتين، وأن الغضب صفة اليهود في مواضع من القرآن، كقوله "فباؤا بغضب" والضلال صفة النصارى لاختلاف أقوالهم الفاسدة في عيسى ابن مريم -عليه السلام- ولقول الله فيه "قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل" (١) أ هـ
فائدة جليلة
قال الإمام البغوي -رحمه الله- وغضب الله لا يلحق عصاة المؤمنين إنما يلحق الكافرين.

(١) التسهيل حـ١ ص٣٤


الصفحة التالية
Icon