فهؤلاء الطوائف كذبة على رسول الله " ﷺ " ومن يجري مجراهم يذكر أن الرشيد كان يعجبه الحمام والله وبه فأهدي إليه حمام وعنده أبو البحتري القاضي فقال : روي أبو هريرة عن النبي " ﷺ " أنه قال : لا سبق إلا في خف أو حافر أو جناح " فزاد : أو جناح. وهي لفظة وضعها للرشيد فأعطاه جائزة سنية، فلما خرج قال الرشيد : والله لقد علمت أنه كذاب وأمر بالحمام أن يذبح فقيل له وما ذنب الحمام ؟ قال : من أجله كذب على رسول الله " ﷺ " فترك العلماء حديثه لذلك. ولغيره من موضوعاته فلا يكتب العلماء حديثه بحال.
قلت : فل واقتصر الناس على ما ثبت في الصحاح والمسانيد وغيرهما من المصنفات التي تداولها العلماء ورواها الأئمة الفقهاء لكان لهم في ذلك غنية وخرجوا عن تحذيره " ﷺ " حيث قال :" اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فمن كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ؟ فتخويفه " ﷺ " أمته بالنار على الكذب دليل على أنه يعلم أنه سيكذب عليه.
فحذار مما وضعه أعداء الدين وزنادقة المسلمين في باب الترغيب والترهيب وغير ذلك وأعظمهم ضرراً أقوام من المنسوبين إلى الزهد وضعوا الحديث حسبة فيما زعموا فتقبل الناس موضوعاتهم ثقة منهم بهم وركوناً إليهم فضلوا وأضلوا (١) أ. هـ.
فائدة في فهم القرآن
قال صاحب البرهان :
كتاب الله بحره عميق، وفهمه دقيق، لا يصل إلى فهمه إلا من تبحر في العلوم وعامل الله بتقواه في السر والعلانية وأجله عند مواقف الشبهات واللطائف والحقائق لا يفهمها إلى من ألقى السمع وهو شهيد فالعبارات للعموم وهي السمع والإشارات للخصوص وهي للعقل واللطائف للأولياء وهي المشاهد والحقائق للأنبياء وهي الاستسلام.