ومنها قوله " بسم الله " معناه أبدأ باسم الله فأسقط منه قوله " أبدأ " تخفيفاً فإذا قلت بسم الله فكأنما قلت أبدأ باسم الله والمقصود التنبيه على أن العبد من أول ما شرع في العمل كان مدار أمره على التسهيل والتخفيف والمسامحة فكأنه تعالى في أول كلمة ذكرها لك جعلها دليلاً على الصفح والإحسان.
ومنها سمي نفسه رحماناً رحيماً فكيف لا يرحم ؟
روي أن سائلاً وقف على باب رفيع فسأل شيئاً فأعطي قليلاً فجاء في اليوم التالي بفأس وأخذ يخرب الباب فقيل له : لم تفعل ؟ قال : إما أن يجعل الباب لائقاً بالعطية أو العطية لائقة بالباب.
إلهنا إن بحار الرحمة بالنسبة إلى رحمتك أقل من الذرة بالنسبة إلى العرش فكما ألقيت في أول كتابك على عبادك صفة رحمتك فلا تجعلنا محرومين عن رحمتك وفضلك.
ومنها :" الله " إشارة إلى القهر والقدرة والعل وثم ذكر عقيبة الرحمن الرحيم وذلك يدل على أن رحمته أكثر من قهره.
ومنها كثيراً ما يتفق لبعض عبيد الملك أنهم إذا اشتروا شيئاً من الخيل والبغال والحمير وضعوا عليها سمة الملك لئلا يطمع فيها الأعداء فكأنه تعالي يقول إن لطاعتك عدواً وهو الشيطان فإذا شرعت في عمل فاجعل عليه سمتي وقل بسم الله الرحمن الرحيم حتى لا يطمع العد وفيها.
ومنها أن نوحاً عليه السلام لما ركب السفينة قال :" بسم الله مجراها ومرساها ". ﴿هود : ٤١﴾ فوجد النجاة بنصف هذه الكلمة فمن واظب على هذه الكلمة طول عمره كيف يبقي محروماً عن النجاة ؟!
وأيضاً أن سليمان عليه السلام نال مملكة الدنيا والآخرة بقوله :" إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم " ﴿النمل : ٣٠﴾ فالمرج وأن العبد إذا قاله فاز بملك الدنيا والآخرة.