المرتبة الثامنة : مرتبة الإسماع. قال الله - تعالى - "ول وعلم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون" [الأنفال : ٢٣]. وهذا الإسماع أخص من إسماع الحجة والتبليغ، فإن ذلك حاصل لهم، وبه قامت الحجة عليهم. لكن ذاك إسماع الآذان، وهذا إسماع القلوب، فإن الكلام له لفظ ومعنى وله نسبة إلى الأذن والقلب وتعلق بهما، فسماع لفظه حظ الأذن، وسماع حقيقة معناه ومقصوده حظ القلب، فإنه سبحانه نفى عن الكفار سماع المقصود والمراد الذي هو حظ القلب، وأثبت لهم سماع الألفاظ الذي هو حظ الأذن في قوله "ما يأتيهم من ذكر من ربهم إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم" [الأنبياء : ٢] وهذا السماع لا يفيد السامع إلا قيام الحجة عليه، أو تمكنه منها، وأما مقصود السماع وثمرته، والمطلوب منه، فلا يحصل مع له والقلب وغفلته وإعراضه.
المرتبة التاسعة : مرتبة الإلهام قال تعالى "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها" [الشمس : ٨، ٧]
المرتبة العاشرة : الرؤيا الصادقة : وهي أجزاء من أجزاء النبوة كما ثبت عن النبي - ﷺ - أنه قال (١) :"الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة" (٢). أ هـ
فائدة في تعدية الفعل [اهدنا] بنفسه
تعدية الفعل هنا بنفسه دون حرف [إلى].
فجوابها أن الفعل الهداية : يتعدى بنفسه تارة كقوله تعالى :"ويهديك صراطاً مستقيماً" [الفتح : ٢] وبحرف [إلى] تارة كقوله تعالى :"وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم" [الشورى : ٥٢] وباللام تارة كقوله تعالى :"وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله " [الأعراف : ٤٣] وقوله تعالى "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم" [الإسراء : ٩].
(٢) مدارج السالكين لابن القيم حـ١ ص٣٧-٤٨ باختصار ط دار الحديث القاهرة.