وقال الآلوسى :
وتخصيصهم بالذكر للإيذان بخصوص بعثته، أو للرد على من زعم من اليهود أنه مبعوث إلى غيرهم. ولي في نسبة هذا الزعم لبعض اليهود تردد وليس ذلك في الكتب المشهورة والذي رأيناه فيها أنهم في عيسى الذي قص الله تعالى علينا من أمره ما قص فرقتان : فرقة ترميه وحاشاه بأفظع ما رمت به أمة نبيها وهم أكثر اليهود، وفرقة يقال لهم ( العنانية أصحاب عنان بن داود رأس الجالوت يصدقونه في مواعظه وإشاراته ويقولون : إنه لم يخالف التوراة ألبتة بل قررها ودعا الناس إليها، وإنه من المستجيبين لموسى عليه السلام، ومن بني إسرائيل المتعبدين وليس برسول ولا نبي، ويقولون : إن سائر اليهود ظلموه حيث كذبوه أولاً ولم يعرفوا مدعاه وقتلوه آخراً ولم يعرفوا مرامه ومغزاه ) نعم من اليهود فرقة يقال لهم العيسوية أصحاب أبي عيسى إسحق بن يعقوب الأصفهاني الذي يسميه بعضهم ( بعرقيد الوهيم ) يزعمون : أن لله تعالى رسولاً بعد موسى عليه السلام يسمى المسيح إلا أنه لم يأت بعد ويدعون أن له خمسة من الرسل يأتون قبله واحداً بعد واحد وأن صاحبهم هذا أحد رسله وكل من هذه الأقوال بعيد عما ادعاه صاحب القيل بمراحل ولعله وجد ما يوافق دعواه، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
هذا واختلف في زمن رسالته عليه السلام فقيل : في الصبا وهو ابن ثلاث سنين. وفي "البحر" : أن الوحي أتاه بعد البلوغ وهو ابن ثلاثين سنة فكانت نبوته ثلاث سنين قيل : وثلاثة أشهر وثلاثة أيام ثم رفع إلى السماء وهو القول المشهور، وفيه أن أول أنبياء بني إسرائيل يوسف وقيل : موسى وآخرهم عيسى على سائرهم أفضل الصلاة وأكمل السلام. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ١٦٧﴾


الصفحة التالية
Icon