وليس هذا من كلام الأنبياء حتى يقال إن له معنى لا نفهمه بل هو من كلام أكابرهم الذي وضعوه وجعلوه عقيدة إيمانهم فإن كانوا تكلموا بما لا يعقلونه فهم جهال لا يجوز أن يتبعوا وإن كانوا يعقلون ما قالوه فلا يعقل أحد من كون اللاهوت المتحد بالناسوت جلس عن يمين اللاهوت المجرد عن الاتحاد إلا أن هذا اللاهوت المجرد منفصل مباين للاهوت المتحد وليس هو متصلا به بل غايته أن يكون مماسا له بل يجب أن يكون الذي يماس اللاهوت المجرد هو الناسوت مع اللاهوت المتحد به فهذا حقيقة التبعيض والتجزئة مع انفصال أحد البعضين عن الآخر
وأيضا فيقال لهم المتحد بالمسيح أهو ذات رب العالمين أم صفة من صفاته فإن كان هو الذات فهو الأب نفسه ويكون المسيح هو الأب نفسه وهذا مما اتفق النصارى على بطلانه فإنهم يقولون هو الله وهو ابن الله كما حكى الله عنهم ولا يقولون هو الأب والابن والأب عندهم هو الله وهذا من تناقضهم
وإن قالوا المتحد بالمسيح صفة الرب فصفة الرب لا تفارقه ولا يمكن اتحادها ولا حلولها في شيء دون الذات
وأيضا فالصفة نفسها ليست هي الإله الخالق رب العالمين بل هي صفته ولا يقول عاقل إن كلام الله أو علم الله أو حياة الله هي رب العالمين الذي خلق السماوات والأرض فلو قدر أن المسيح هو صفة الله نفسها لم يكن هو الله ولم يكن هو رب العالمين ولا خالق السماوات والأرض
والنصارى يقولون إن المسيح رب العالمين خالق كل شيء وهو خالق آدم ومريم وإن كان ابن آدم ومريم فإنه خالق ذلك بلاهوته وهو ابن آدم ومريم بناسوته
فلو قدر أن المسيح هو صفة الرب لم تكن الصفة هي الخالق فكيف والمسيح ليس هو صفة الله نفسها بل هو مخلوق بكلمة الله وسمى كلمة الله لأن الله كونه بكن
وقال تعالى ﴿ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون﴾