الوجه التاسع : قولهم فكلمة الله التي بها خلقت اللطائف تظهر في غير كثيف كلا فيقال لهم كلمة الله التي يدعون ظهورها في المسيح أهي كلام الله الذي هو صفته أو ذات الله المتكلمة أو مجموعها فإن قلتم الظاهر فيه نفس الكلام فهذا يراد به شيئان
إن أريد به أن الله أنزل كلامه على المسيح كما أنزله على غيره من الرسل فهذا حق اتفق عليه أهل الإيمان ونطق به القرآن
وإن أريد به أن كلام الله فارق ذاته وحل في المسيح أو غيره فهو باطل مع أن هذا لاينفع النصارى فإن المسيح عندهم إله خلق السماوات والأرض وهو عندهم ابن آدم وخالق آدم وابن مريم وخالق مريم ابنها بناسوته وخالقها بلاهوته
وإن أرادوا بظهور الكلمة ظهور ذات الله أو ظهور ذاته وكلامه في الكثيف الذي هو الإنسان فهذا أيضا يراد به ظهور نوره في قلوب المؤمنين كما قال تعالى
الله نور السماوات والأرض إلى قوله كوكب دري الآية
وكما ظهر الله من طور سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من
جبال فاران وكما تجلى لإبراهيم كما ذكره في التوراة فهذا لا يختص بالمسيح بل هو لغيره كما هو له
وإن أرادوا أن ذات الرب حلت في المسيح أو في غيره فهذا محل النزاع فأين دليلهم على إمكان ذلك ثم وقوعه مع أن جماهير العقلاء من أهل الملل وغيرهم يقولون هذا غير واقع بل هو ممتنع
الوجه العاشر : قولهم فكلمة الله التي بها خلقت اللطائف تظهر في غير كثيف كلا كلام باطل
فإن ظهور ما يظهر من الأمور الإلهية إذا أمكن ظهوره فظهوره في اللطيف أولى من ظهوره في الكثيف فإن الملائكة تنزل بالوحي على الأنبياء عليهم السلام وتتلقى كلام الله من الله وتنزل به على الأنبياء عليهم السلام فيكون وصول كلام الله إلى ملائكة قبل وصوله إلى البشر وهم الوسائط